قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أفضل ؟ قال : كل مَخْمُوم القلب ، صدوق اللسان . قالوا : صدوق اللسان نَعْرِفُه ، فما مَخْمُوم القلب ؟ قال : هو الـتَّقِيّ الـنَّقِيّ ، لا إثْم فيه ولا بَغْي ، ولا غِلّ ولا حَسَد . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .
فوائد من الحديث
الأولى: حرص الصحابة على معرفة أفضل الناس ليكونوا منهم، ولقد كَثُر منهم رضي الله عنهم السؤال عن أفضل الناس وعن أفضل الأعمال في مناسبات عديدة وحصلت من أجوبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فوائدُ عزيزة، تستحق معها أن تُتَتبّع في ((جُزء حديثي)) لعظيم نفعها.
الثانية: ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في جوابه فيه بيان من يَستحق أن يوضع على "لائحة الشرف" أو "لائحة الأفضلية" من المنظور الإسلامي، وهو بالتأكيد خلاف المعايير الدنيوية والمنظور الجاهلي.
الثالثة: فضل القلب النظيف وهو معنى (المخموم) فقد قال العلاّمة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث": (هو من خممتُ البيت إذا كنستَه). وهذا يتطلب مجاهدة قوية لتنظيفه من أهواء البغي والغِلّ والحسد، وما أكثر تلوُّثَ القلوبِ بها! حفظ الله قلوبنا منها وحلاّها بالتقوى والنقاء، وبنُور الذكر والإنابة، والتواضع والخشية.
ورابعها: فضل صدق اللسان والتزامِهِ الحقيقة، ولا تخفى شناعة وبشاعة الكذب، وهو من أخبث الصفات وأدلِّها على اهتزاز ثقة الإنسان بنفسه أو توسُّله بالكذب لفعل الشرّ أو للتعالي على الناس أو للخداع الكاذب لإظهار ما ليس فيه كما في الصحيحين ((المتشبِّع بما لم يُعطَ كلابس ثوبَيْ زُور))!!
أجارنا الله من وَسَخ القلوب وكَذِب الألسن، وحِفَظنا بما يحفظ به قلوبَ وأَلْسُن عبادِهِ الصالحين. إنه أكرم الأكرمين